عندما أعلنَ قبل سنوات قليلة عن تأسيس جمعية الآل والأصحاب، كان من الطبيعي أن يشعر الكثيرون بالدهشة، والخوف. اندهشَ فريقٌ من أولئك الذين وجدوا رجلَ دين غير معروف كثيراً، هو الشيخ حسن قارئ الحسيني، يمتدح آل بيت رسول الله (ص)، ويوقرهم أجلّ توقير، ولا يتردّد في استعمال الجمل التعظيميّة التي تراءى لهذا الفريق أنها تختصّ بصنفٍ معيّن من الأتباع، بل ووجدوا فيه الجرأة المدهشة في تخطئة منْ قد يعتبره شّيوخٌ كبار صّحابيّا جليلاً.
الدّهشة وصلت حدّها عندما شاهدوا الحسيني يقرأ، بطريقته الخاصة، مصرع الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، ويُسجّل نعيه الحسيني الخاص في ذكرى عاشوراء. امتزج ذلك بخوفٍ برّره هذا الفريق المُندهش بالظرف المفاجئ لظهور الجمعية، وصعود التحليلات الموبوءة بنظرية المؤامرة.
اليوم، قد يحقّ لفريق آخر من الناس أن يصدع بمشاعر مغايرة تجاه الجمعية الواعدة وشيخها الشّاب الوسيم. عدا عن البوسترات والأشرطة وبعض الكتيّبات، لا أثر للجمعية ولا تأثير يُذكر، وموقعها في منطقة الرّفاع الشّرقي لا يستقطب كثيرين، وهو الموقع الذي يضطرّ مرتاده للوقوع في مصيدة الدّوران.
بعض المتابعين يرى أنّ هناك ضغوطاً آتية من محيط الجمعية المذهبي تمنعها من حصْد أماكن مؤثرة، لاسيما مع وجود انطباعات غير إيجابية بين عموم هذا المحيط، إضافة إلى التمثيل الاستعلائي الذي تُظهره الجمعيات الإسلامية التقليدية تجاه خطاب ”الآل والأصحاب” المناهض للطائفيّة.
زاد ذلك انكفاء الاتجاه الآخر عن الجمعية وعدم الانفتاح السّريع عليها، والتردّد في التودّد إليها واستضافتها. قد تكون الجمعية بحاجة إلى ما هو أكثر من شعارها الرّمزي الوحدوي (صورة الكعبة الشريفة ويدان تتصافحان حواليها)، وإلا أن البعض لا يُشجّع على التسرّع في المضي مادامت المهام صعبة والجمهور مسلوب الإرادة والتفكير، وهو ما يُعبّر عنه قريبون من أهداف الجمعية ذاهبين إلى أنّ الحذر واجب في ظلّ انتشار الأفخاخ والمتاريس.
الجمعيات الإسلاميّة.. الأدوار المؤجّلة
تحتلّ أعداد الجمعيات الإسلاميّة المرخّصة درجة متقدّمة بالمقارنة مع أعداد الجمعيات الأخرى، فهناك أكثر من خمس وعشرين جمعية إسلاميّة مسجّلة لدى وزارة التنمية الاجتماعيّة، وإذا أضفنا إلى ذلك الجمعيات الأهلية غير المسجّلة، واللّجان والرّوابط المنتشرة في كلّ المناطق والقرى داخل المساجد والمآتم، فلا شك أنّ العدد سيكون كبيراً جداً.
معنيون بشؤون النشاط الدّيني يذهبون إلى أن جهود اللجان والمراكز الدينية غير المسجّلة أبلغ وأوسع تأثيراً من تلك المسجّلة، وبعض الأخيرة ذات تاريخ عريق وصفة أبويّة على المجتمع، وأسباب ذلك تعود إلى التمازج المجتمعي لتلك اللجان وقدرتها على استيعاب احتياجات المناطق الضّيقة القريبة منها، وكذلك استطاعتها الأكثر على استقطاب الناشطين والمتطوّعين، كونهم يشعرون بأنهم يخدمون مجتمعهم وأهاليهم.
أدرك القائمون على الجمعيات الرئيسة بعض هذه الأسباب. فكان قرار إنشاء الفروع المناطقيّة وتكليف أبنائها مهمّة إدارتها والقيام بها، وقد نتج ذلك أنْ فاقت بعض الفروع وتفوّقت على الجمعية المركزيّة.
إضافة إلى ذلك، انتبه البعض إلى أن هناك حاجة لإنشاء الفروع لأغراض تسجيل الحضور ورفع الهويّة، خاصة في المناطق ”المختلطة” مذهبياً، وهذه الفروع عادةً تكون ”عاطلة” عن العمل، إلا في المواسم النادرة. من جانب آخر، يحتفي البعض بتعدّد الجمعيات والمراكز الدّينيّة، ويرون فيه أهمية كبيرة لأجل التعاضد في تحقيق الغايات النبيلة، ومن بينها الأدوار المؤجّلة، أي التهيؤ المُسبق للكوارث الأخلاقيّة والثقافيّة التي تغلي وتتراكم، بانتظار ساعة انفجارها في وجه المجتمع وما ستخلفه من الضّحايا والأوبئة.