ينبغي التنبيه على أن هذه الروايات جميعها مستقاة من مصادر الشيعة الإمامية ؛ وأنه بذلك لا يلزمنا جميع ما ورد فيها مما قد يكون مدسوساً أو مكذوباً .
___________________________________________________
ذكر الأصبهاني : سار عبيدالله حتى انتهى إلى “شينور” ، حتى خرج إلى “شاهي” ، ثم لزم “الفرات” و”الفالوجة” حتى أتى ” مسكن” ؛ وأخذ الحسن على “حمام عمر” حتى أتى “دير كعب” ثم “بكر” ، فنزل “ساباط” دون القنطرة ؛ فلما أصبح نادى في الناس : الصلاة جامعة ؛ فاجتمعوا ، وصعد المنبر ، فخطبهم ، فحمد الله ، فقال : الحمد لله كلما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، أرسله بالحق ، وائتمنه على الوحي ، صلى الله عليه وآله ؛ أما بعد ؛ فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومَنّه ، وأنا أنصح خلق الله لخلقه ؛ وما أصبحت محتملاً على مسلم ضغينة ، ولا مريداً له سوءاً ولا غائلة ؛ ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ؛ ألا وإني ناظر لكم خيراً من نظركم لأنفسكم ؛ فلا تخالفوا أمري ، ولا تردوا عَلَيّ رأيي ؛ غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا . قال : فنظر الناس بعضهم إلى بعض ، وقالوا : ما ترونه يريد بما قال ؟ قالوا : نظنه والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه [55].
وبعث معاوية بالسجل المختوم للحسن (رضي الله عنهما) ليشترط فيه ما يشاء لنفسه وأهل بيته وشيعته ؛ وكتب الإمام الشروط ، وأخذ من معاوية العهد والميثاق على الوفاء ، وأعطاه معاوية ما أراد .
نص وثيقة الصلح
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان : صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين ، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله ، وسيرة الخلفاء الراشدين – وفي رواية : الصالحين – المهتدين ؛ وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين ؛ وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله ؛ في شامهم ، وعراقهم ، وحجازهم ، ويمنهم ؛ وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم . وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه ، وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء ، وبما أعطى الله من نفسه ؛ وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) غائلة سراً ولا جهراً ، ولا يخيف أحداً منهم في أفق من الآفاق . شهد عليه بذلك – وكفى بالله شهيداً – فلان وفلان والسلام [56].
ولما تم الصلح وانبرم الأمر : التمس معاوية من الحسن (رضي الله عنه) أن يتكلم بمجمع من الناس ، ويعلمهم إنه قد بايع معاوية وسلم الأمر إليه ، فأجابه إلى ذلك – وقال فيما قاله – : فنظرت لصلاح الأمة وقَطْع الفتنة ، وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وتحاربوا من حاربت ؛ فرأيت أن أسالم معاوية وأضع الحرب بيني وبينه ؛ وقد بايعته ورأيت حقن الدماء خير من سفكها ، ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين [57].
وعن الصادق (عليه السلام) قال : إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) أن أقدم أنت والحسين وأصحاب علي . فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، وقدموا الشام ، فأذن لهم معاوية ، وأعد لهم الخطباء ؛ فقال : يا حسن ، قم فبايع ؛ فقام فبايع . ثم قال للحسين (عليه السلام) : قم فبايع ؛ فقام فبايع . ثم قال : قم يا قيس فبايع ؛ فالتفت إلى الحسين (عليه السلام) ينظر ما يأمره ، فقال : يا قيس إنه إمامي ، يعني الحسن (عليه السلام) [58].
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) أيضاً قال : دخل قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري صاحب شرطة الخميس على معاوية ، فقال له معاوية : بايع ! فنظر قيس إلى الحسن (عليه السلام) ، فقال : أبا محمد ، بايعت ؟ … فقام إليه الحسن فقال له : بايع يا قيس ، فبايع [59].
___________________________________________________
ملاحظة : للوقوف على المصادر ومواطن العزو ، يرجى تنزيل رسالة : صلح الحسن