ولد الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) سنة 3 هـ. وقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله سلم) فقال : «أروني ابني ما سميتموه ؟» قلنا : حرباً ، قال : «لا ، بل هو حسن» [38].
وفي هذا دلالة على أن الحسن (رضي الله عنه) قد هُيئ للسلام وليس الحرب ؛ ويؤكد هذا قول جده (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه بأن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين ؛ إشارة إلى الخلاف الذي وقع بين علي ومعاوية (رضي الله عنهما) ، وكون علي (رضي الله عنه) أولى بالحق . فقد جاء عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين ، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» ؛ وفي هذا دليل على إيمان الفريقين ؛ وسيأتي المزيد من البيان في هذا .
وهذه الروايات من أعلام النبوة ، حيث وقع كما أخبر به (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ وهو تفسير قول الله (عز وجل) : {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات : 9] ؛ وقوله (عز وجل) : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات : 10].
ولا تسعف هذه الحقائق من يقول بأن السبب الرئيس لقبوله الصلح ومبايعته لمعاوية (رضي الله عنهما) قلة عدد جيشه ؛ فقد جاء ما يخالف هذا : كرواية المسيب بن نجية الفزاري ، وسليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن علي (رضي الله عنه) : ما ينقضي تعجبنا منك ؛ بايعت معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من الكوفة ، سوى أهل البصرة والحجاز [39].
وفضائل الحسن (رضي الله عنه) كثيرة ، رغم أن حصرها ليست غايتنا هنا ، ولكن لا بأس – كما ذكرنا – من إيراد بعضها :
منها ما جاء عن حذيفة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : «إن ملكاً من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة ، فاستأذن ربَّه أن يُسلم عليَّ ، ويبشرني أن الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة». وفي رواية عن أبي سعيد الخدري أيضاً ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة» [40] ؛ وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هما ريحانتايَ من الدنيا» [41].
وعن أبي بكرة قال : كان النبي (صلى الله عليه وآله سلم) يصلي ، فكان إذا سجد : جاء الحسن فركب ظهره ؛ فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رفع رأسه : أخذه ، فوضعه على الأرض وضعاً رفيقاً ؛ فإذا سجد : ركب ظهره ؛ فلما صلى : أخذه فوضعه في حجره ، فجعل يقبله . فقال له رجل : أتفعل بهذا الصبي هكذا ؟ فقال : «إنهما ريحانتاي ، وعسى الله (عز وجل) أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» [42].
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إن ابني هذا سيد ، وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [43] ؛ وغيرها كثير .
ويعتقد كثير من أهل السنة أن خلافته (رضي الله عنه) تكملة لفترة الخلافة الراشدة، والذي جاء فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة» [44] . حيث كانت خلافة أبي بكر الصديق : سنتين وثلاثة أشهر ، وخلافة عمر : عشرة سنين ونصفاً ، وخلافة عثمان : اثنتي عشرة سنة ، وخلافة علي : أربع سنين وتسعة أشهر ، وخلافة الحسن : ستة أشهر [45].
___________________________________________________
ملاحظة : للوقوف على المصادر ومواطن العزو ، يرجى تنزيل رسالة : صلح الحسن