بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً كثيراً ؛ أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي : هدي محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ؛ وشر الأمور محدثاتها ؛ وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ؛ وبعد ؛
لعل من المسائل التي حارت فيها العقول ، وتاهت فيها المقاصد ، وصرفت عن ظاهرها وأسبابها : مسألة “صلح الإمام الحسن مع معاوية (رضي الله عنهما)”. فقد اختلفت نظرة الناس إلى هذه القضية كلٌّ وفقاً لمشربه ومذهبه ، حتى أخرج البعض غايات هذا الصلح عن حقيقته ، الأمر الذي يتعارض مع ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) كعلم من أعلام النبوة في قصة هذا الصلح على يد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) ، الأمر الذي تحقق ووقع كما قال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) .
ونحن في هذا البحث الموجز لا نزعم أننا أتينا بجديد ، ولكن سلطنا بعض الضوء على بعض الوجوه التي غُيّبت عمداً من الذين تتعارض حقائقها مع مقاصدهم ؛ وحاولنا الجمع بين مقاصد الكل قدر الإمكان ؛ لنضع صورة نراها واضحة لقصة هذا الصلح . وكل ذلك في إطار الالتزام بالإيجاز ، وبعيداً عن التأويلات الفلسفية والتكلفات البعيدة ، والتي تتعارض وأبجديات الفهم الصحيح والفطرة السليمة في تناول هذه القضايا . ودعمنا هذا البحث بنصوص في كتب الفريقين ، فهذا أبلغ في تحقيق المراد وبيان المقصود من هذه المسألة .
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .