بسم الله الرحمن الرحيم ،
إن الله (عز وجل) أرسل نبيه بشيراً ونذيراً ، وأنزل معه الكتاب هدى للعالمين ونوراً ، ففتح به عيوناً عمياً وآذاناً صماً وشرح به صدوراً ، وأبان فيه الحلال والحرام والثواب والعقاب والمواعظ والأمثال . وقد حظي القرآن بمكانة كبرى عند المسلمين ، حتى حفظوا آياته ، وفهموا معانيه ، واعتنوا بتفسيره واستجلاء مقاصده . وكان لآل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إهتمام كبير بالثقل الأكبر ، فهذا أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) يقول : (الله الله أيها الناس فيما استحفظكم من كتابه) . فكونه المصدر الأول من مصادر التشريع عند المسلمين جعله محط اهتمامهم ، فبالغوا في الحث علىه بجميع الأشكال والصور ؛ كما سنوقفك عليه إن شاء الله .
ولم يقتصر موقفهم من القرآن الكريم على الجانب النظري فحسب ، بل تعداه إلى الجانب العملي ، ولا بد .
وكانوا بالمرصاد لكل من سولت نفسه الإساءة للقرآن ، كما حدث في محنة خلق القرآن ، وقول الرضا (رحمه الله) في هذه المسألة : (عصمنا الله وإياك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها نعمة ! وإلا يفعل فهي الهلكة . نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فتعاطى السائل ما ليس له ، وتكلف المجيب ما ليس عليه . وليس الخالق إلا الله ، وما سواه مخلوق . والقرآن كلام الله ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين . جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون) .
وهكذا كانوا (رضي الله عنهم أجمعين) في جل ما يتعلق بمسائل القرآن الكريم . وفي هذا المختصر ، إن شاء الله تعالى ، سنبين بعضاً مما جاء عنهم في الكثير من الأبواب المرتبطة بموضوع الكتاب . وسنقتصر على ذكر الروايات ، فهي تتكلم عن نفسها بما لا حاجة لمزيد بيان . وجميع الروايات التي سنذكرها من طرق الإمامية ، فهي أبلغ في تحقيق المراد .
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
لتنزيل الكتاب :